الأربعاء، 18 سبتمبر 2019

مدارس التربية النموذجية 

تحتفي باليوم العالمي لمحو الأمية  2019


عندما عاش الإنسان قديماً، كانت حياته يسيرة لا تحتاج إلى تعلم القراءة والكتابة والحساب، وكان الحديث والنقاش والاتصال المباشر بالآخرين، وتقليد الصغار للكبار يكفي متطلبات الحياة اليومية، وعليه لم تكن الأمية تنقص من قيمة ومركز الشخص، ولا تعد مكافحتها من متطلبات تلك الفترة الغابرة.
ولكن مع تعقد الحياة وتغير نمط الحياة في شتى المجالات، أصبح من الضروري تعلم الكتابة والقراءة والحساب، وأصبحت الأمية - الجهل بالقراءة والكتابة والحساب- مشكلة من أكبر المشاكل التي تعيق تحقيق التطور والازدهار في المجتمع، الأمر الذي يتطلب مكافحتها.
فالأمية وثيقة الصلة بكل صور تخلف المجتمع، من فقر ومرض وارتفاع نسبة الوفيات خاصة بين الأطفال، والتمسك بعادات وأفكار بالية، ومظاهر الاضطراب والعنف، وانخفاض مستوى الإنتاج.
لكل ذلك تحرص الدول على مكافحة الأمية بشتى السبل، وخاصة الدول النامية، حيث ترتفع نسبة الأمية، ورغبتها في اللحاق بركب الدول المتقدمة والمتطورة.
ولقد كانت بوادر مكافحة الأمية مع ظهور الدين الإسلامي، فقد كانت أول آيات الذكر الحكيم نزولاً قوله تعالى : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } العلق، 1 ثم تكرر الأمر بالقراءة بعد آية قال تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } العلق،3. مع أن القرآن الكريم نزل في زمن تفشت فيه الأمية.
وهناك العديد من الآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة تحث على طلب العلم والتعلم  وتبين فضل العالم على العابد، لا تخفى على القارئ.
بل إن طلب العلم في الإسلام يعد فريضة على كل مسلم، ولقد أشارت السياسة التعليمية لذلك في المادة 10 التي تنص على أن" طلب العلم فرض على كل فرد بحكم الإسلام...." ص،7
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فداء الأسير بعد غزوة بدر الكبرى تعليم عشرة من أبناء المسلمين، وكان التعليم للصغار والكبار، وليس كما كان الحال في الغرب، إذ بدأ بتعليم الصغار دون الكبار، ثم بعد ذلك تنبه الغرب إلى أهمية تعليم الكبار، والتعليم المستمر لجميع أبناء المجتمع.
وتعد دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة المكرمة أول مدرسة لتعليم الكبار أمور دينهم، ثم برز دور المسجد في تعليم الكبار، ومن أبرزها المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، والجامع الأزهر، وغيرها من المساجد بالعالم الإسلامي.
والمملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي اهتمت بمكافحة الأمية، وتحرص على أن تربط بين تعليم الكبار وخطط التنمية، وتبذل كل وسعها في سبيل مكافحة الأمية.
ولقد اهتمت المملكة العربية السعودية بتعليم الكبار ومحو الأمية كما اهتمت بالتعليم النظامي وذلك لحرصها على بناء المجتمع السعودي في شتى المجالات.  
ولقد مرت جهود المملكة العربية السعودية في سبيل مكافحة الأمية وتعليم الكبار بالعديد من المراحل، يمكن تقسيمها إلى:-​
1. المرحلة الأولى :الجهود الفردية.
وهي الجهود التي بذلها نفر من المعلمين بالقرى والمدن، من خلال تخصيص حلقات بالمساجد، أو حجرة أو بيت المعلم، يدرس به مجموعة من الصغار والكبار، لتعليم أساسيات القراءة والكتابة، ومع الوقت تطورت تلك الجهود وأخذت طابعاً أكثر تنظيماً ومن تلك الجهود مدرسة النجاح الليلية بمكة المكرمة، تأسست عام 1350هـ لإتاحة الفرصة لمن حرموا التعليم النهاري لظروف خاصة بهم، وكانت تسير وفق منهج المدرسة الابتدائية الحكومية.
وكانت هناك مدارس التشجيع الليلية بمكة المكرمة عام 1358هـ ، والتي أوجدت بناءً على طلب الأهالي لمديرية المعارف لتكوين لجنة لتشجيع المدارس الليلية ولمساعدتها مالياً وإدارياً،  ومدارس الشيخ/ عبد الله القرعاوي  بجنوب غرب المملكة العربية السعودية، وقد شاركت المدارس الأهلية القديمة بجهود في هذا المجال ومنها : الصولتية ( 1291هـ) ، الفلاح( جده 1323هـ، مكة 1330هـ) ، الفخرية العثمانية، دار الحديث   ( 1353هـ) ، مدرسة العلوم الدينية( 1353هـ)وكانت الدولة تمد تلك المدارس بالعون.
2. جهود الدولة قبل عام 1369هـ.
افتتحت مديرية المعارف العمومية عام 1335هـ قسم ليلي بالمعهد العلمي السعودي  لتعليم الموظفين الذين لديهم الرغبة ولا تساعدهم ظروفهم، وهي أول الجهود للتعليم الليلي ويمكن اعتبارها أول الجهود لتعليم الكبار ومحو الأمية، وفي رجب 1356هـ افتتحت مدرسة لتعليم اللغة الانجليزية، وفي عام 1368 هـ افتتحت مدرسة لتحسين الخطوط والآلة الكاتبة، وفي عام 1369هـ افتتحت مدرسة المعلمين الليلية وكانت تصرف لكل طالب 60 ريالاً.
3. جهود الدولة بعد عام 1369هـ..
أنشأت وزارة المعارف إدارة خاصة بتعليم الكبار ومحو الأمية عام 1374هـ أطلق عليها إدارة الثقافة الشعبية، ربطت بإدارة التعليم الابتدائي، وبلغ عدد مدارس محو الأمية وتعليم الكبار 13 مدرسة عام 1375هـ، وفي عام 1378هـ انفصلت وأصبحت إدارة مستقلة بذاتها، عرفت باسم إدارة الثقافة الشعبية، وفي عام 1392هـ صدرت الموافقة الكريمة على نظام تعليم الكبار ومحو الأمية، وعدل اسم الإدارة عام 1397هـ إلى الإدارة  العامة  لتعليم الكبار ومحو الأمية، ليتناسب مع طبيعة عملها وأنشطتها، وفي عام 1405هـ أصبح أسمها الأمانة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية، وبلغ عدد مدارس محو الأمية وتعليم الكبار 88 مدرسة عام 80/1381هـ.

وحرصاً من وزارة المعارف - التربية والتعليم حالياً- على تعليم الكبار ومكافحة الأمية  تم تشكيل اللجنة العليا لمحو الأمية وتعليم الكبار، برئاسة معالي وزير المعارف وعضوية كل من وكيل الوزارة عضواً ونائباً عن الرئيس، وأمين عام تعليم الكبار ومحو الأمية عضواً ومقرراً، وعضوية وزارة الدفاع والطيران والمالية، ووزارة الثقافة والإعلام ورئاسة الحرس الوطني والرئاسة العامة لتعليم البنات - سابقاً-        
ولقد تضمنت سياسة التعليم السعودية في الفصل السابع من الباب الخامس عدد من المواد حول مكافحة الأمية وتعليم الكبار هي:-
180- تهتم الدولة بمكافحة الأمية وتعليم الكبار، وتدعم هذا النوع من التعليم فنياً وإدارياً ومالياً، وذلك تحقيقاً لرفع مستوى الأمة، وتعميم الثقافة بين أفرادها.
181- تستهدف مكافحة الأمية وتعليم الكبار تحقيق الأمور الأساسية التالية:
 أ- تنمية حب الله وتقواه في قلوبهم وتزويدهم بالقدر الضروري من العلوم الدينية.
ب- تعليم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب.
ج- التوعية العامة في شؤون الحياة.
ويوضح المنهج مستوى الدراسة والخطة التفصيلية والموا
د التدريسية.
182- توضع من قبل الجهات التعليمية المختصة خطة زمنية قائمة على الإحصاء لاستيعاب الأميين، والقضاء على الأمية، وتتعاون في تنفيذها الوزارات والمصالح المعنية.
183- تكون فترة المكافحة والتعليم على مرحلتين:
أ- المرحلة الأولى: وتنتهي بالحصول على شهادة محو الأمية.
ب- المرحلة الثانية: المتابعة لنيل الشهادة الابتدائية.
184- تسم وسائل الإعلام في التوعية العامة التي تشعر الأميين بأهمية التعليم، وتساعدهم بالبرامج التعليمية الممكنة.
185- يشجع الأفراد والجماعات على الإسهام في مكافحة الأمية وتعليم الكبار تحت إشراف الجهات المختصة.
186- تسهم المدارس الأهلية في هذا النوع من التعليم، ولا تصرف إعاناتها إلا إذا بنصيبها المقرر فيه وفقاً لنظام التعليم الأهلي.

187- تتولى الجهات المختصة محو الأمية بين النساء وفق إمكانياتها، وتكيف برامجها بما يحقق الأهداف الخاصة بتعليم المرأة وفقاً لأحكام الإسلام



اهم الاخبار